
في سياق تنزيل الإصلاحات المرتبطة بتدبير الموارد البشرية، كشفت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن مشروع قرار تنظيمي جديد يُحدد شروط وكيفيات تنظيم الحركات الانتقالية لموظفي الوزارة، وعلى رأسهم أطر التدريس والإدارة وأطر الدعم. ويأتي هذا المشروع في إطار الاستجابة لمطالب الشغيلة التعليمية وضمان توزيع عادل وشفاف للموارد البشرية بين المؤسسات التعليمية.
رؤية جديدة ومنهجية مبنية على الإنصاف
يرتكز مشروع القرار الجديد على مقاربة تستند إلى الاستحقاق، الشفافية، تكافؤ الفرص، والاستقرار المهني والاجتماعي. كما يسعى إلى تجاوز بعض الاختلالات التي طبعت الحركات الانتقالية في السنوات الماضية، من خلال إعادة النظر في الشروط والمعايير المعتمدة، وتوسيع دائرة المستفيدين، وضمان معالجة إنسانية لحالات اجتماعية وصحية خاصة.
أبرز مستجدات المشروع
جاء المشروع بعد مشاورات تقنية مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، وضمّ مجموعة من المستجدات البنيوية والمضمونية، من أبرزها:
1. توحيد الإطار القانوني المنظم للحركات الانتقالية، عوض الاقتصار على مذكرات موسمية تصدر سنويًا.
2. تعريف دقيق لأنواع الحركات الانتقالية: تشمل الانتقال لأسباب اجتماعية، صحية، التبادل بين الموظفين، الانتقال داخل الجهة أو خارجها.
3. توسيع قاعدة الاستفادة لتشمل أطر الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي، بالإضافة إلى أطر التدريس والإدارة التربوية.
4. إحداث بوابة إلكترونية موحدة لتدبير مختلف مراحل الحركة، من تقديم الطلبات إلى إعلان النتائج، بهدف تعزيز الشفافية.
شروط المشاركة في الحركة الانتقالية 2025
حدّد المشروع جملة من الشروط التي يجب أن تتوفر في الموظف الراغب في الانتقال، من بينها:
قضاء سنتين على الأقل في مقر العمل الحالي.
التوفر على وضعية نظامية قانونية (غير موضوع رهن الإشارة أو في وضعية إلحاق غير منتهية).
عدم صدور عقوبات تأديبية خلال السنتين الأخيرتين.
الاستجابة للمصلحة التعليمية، بحيث لا يؤدي الانتقال إلى خصاص في المؤسسة الأصلية.
معايير المفاضلة والترتيب
أدخل المشروع نظامًا أكثر عدالة في تنقيط وترتيب المترشحين، يتم بناءً على:
الأقدمية العامة في الوظيفة.
الأقدمية في المؤسسة أو الجماعة.
النقطة المهنية (نقطة التفتيش + نقط مدير المؤسسة).
الوضعية الاجتماعية (الالتحاق بالزوج/الزوجة، الحالات الصحية…).
الانخراط في مشاريع تربوية (كمدارس الريادة مثلاً) ضمن إطار تحفيزي.
المادة 34: استثناء خاص بمؤسسات الريادة
من بين المواد التي أثارت نقاشًا واسعًا المادة 34، التي تنص على تقييد انتقال الأطر العاملة بمؤسسات الريادة، حفاظًا على استقرار هذه المؤسسات ومواصلة مشاريعها البيداغوجية. وقد لقيت هذه المادة اعتراضًا من النقابات، وتم اقتراح تعديلها بإعطاء امتياز تنقيطي لهذه الفئة بدل حرمانها من حقها في الانتقال.
ملاحظات النقابات وإضافاتها المقترحة
قدّمت النقابات الخمس الأكثر تمثيلية جملة من الاقتراحات والإضافات التي تم إدراج بعضها في المشروع المعدل، منها:
اعتماد معالجة إنسانية للحالات الاجتماعية والصحية العاجلة.
فتح المجال أمام الحركات الجهوية والمحلية بتنسيق مع الأكاديميات والمديريات.
إلزام الوزارة باحترام آجال محددة لإعلان النتائج وتفعيل الانتقال.
ضمان إشراك النقابات في مراقبة المعطيات الخاصة بالتباري وتحديد المناصب الشاغرة.
خاتمة
إن مشروع قرار تنظيم الحركات الانتقالية لسنة 2025 يُمثل خطوة متقدمة نحو إعادة هيكلة هذا الورش الهام بما يحقق العدالة والاستقرار داخل المنظومة التعليمية. ورغم بعض التحفظات، يُنتظر أن تُساهم التعديلات المرتقبة في صياغة قرار متوازن يراعي الحق في الانتقال ويخدم في الوقت نفسه مصلحة المتعلم واستقرار المؤسسات.